فانوس رمضان
من أشهر معالم رمضان ومظاهره المحببة إلي الصغار
والكبار معا هو فانوس رمضان بأشكاله المختلفة، فلا يكاد يخلو شارع من
فانوس ضخم مصنوع من المعدن والزجاج الملون أو من الخشب وورق السلوفان يلتف
حوله الصغار والكبار مستبشرين بقدوم هذا الشهر المبارك ولياليه الكريمة.
استخدم الفانوس فى صدر الإسلام فى الإضاءة ليلاً للذهاب إلى المساجد
وزيارة الأصدقاء والأقارب وقد عرف المصريون فانوس رمضان عند دخول المعز
لدين الله الفاطمى القاهرة ليلاً فخرج أهلها يستقبلونه عند أبواب المدينة
وكان ذلك في اليوم الخامس من رمضان فحملوا المشاعل لكن الصناع المصريين
المهرة رأوا أن هذا اليوم رياحه شديدة وأن المشاعل قد تسبب مشاكل إذا ما
تطايرت النيران مما يهدد بإفساد الاستقبال فكان أن استخدموا الفانوس بدلاً
من المشاعل .
وقد تحول الفانوس من وظيفته الأصلية فى الإضاءة ليلاً إلى وظيفة أخرى
ترفيهية حيث راح الأطفال يطوفون الشوارع والأزقة حاملين الفوانيس ويطالبون
بالهدايا من أنواع الحلوى التى ابتدعها الفاطميون ، كما صاحب هؤلاء
الأطفال – بفوانيسهم – المسحراتي ليلاً لتسحير الناس ، حتى أصبح الفانوس
مرتبطاً بشهر رمضان وألعاب الأطفال وأغانيهم الشهيرة فى هذا الشهر ومنها
وحوي وحوي
وقدصدر قانون يحتم على كل ساكن أن يشترك في كنس الشارع، وأن يعلق فانوساً
مضاء فوق بيته، منذ ساعة الغروب إلى حين بزوغ الشمس، طوال شهر رمضان، ثم
استخدمت فوانيس صغيرة الحجم لإضاءة الطريق، كما صنعت فوانيس أصغر من أجل
الأطفال الذين يشاركون في السهر حتى الفجر في ليالي رمضان.
وكانت النساء تسهرن إلى وقت متأخر من الليل، حتى يتجمعن حول إحدى النساء
المسنات يستمعن إلى القصص والحكايات الطريف، وفي طريق عودتهن إلى بيوتهن
كان التابع يتقدمهن بحمل فانوس كبير من النحاس، يضيء الطريق، ولم تكن
الشموع قد استخدمت بعد، فقد كان الزيت هو الوقود المستخدم في إضاءة
الفانوس.
صناعة الفانوس
فحدثت في عهد الحاكم بأمر الله، الذي أمر بألا تخرج
النساء من بيوتهن ليلا إلا إذا تقدمهن صبي يحمل فانوسا، كما أمر بتعليق
الفوانيس على مداخل الحارات، وأبواب المنازل، وفرض غرامات على من يخالف
ذلك، وهو ما أدى الى تطور أشكال الفوانيس واختلاف أحجامها طبقا
لاستخداماتها المختلفة.
كما بدأ ظهور الفوانيس في أيدي رجال الشرطة في جولاتهم الليلية لتأمين
الشوارع وارتبط الفانوس كذلك بالمسحراتي الذي يجوب الشوارع لتسحير الناس
في ليالي رمضان حتى أن أول أنواع الفوانيس المعروفة كانت تحمل اسم
المسحراتي وهو فانوس صغير القاعدة وله أبواب كبيرة، قبل أن تظهر أشكال
أخرى من الفوانيس.
وقد بدأت صناعة الفوانيس منذ العصر الفاطمى تتخذ مساراً حرفياً وإبداعياً
فى الوقت ذاته ، فظهرت طائفة من الحرفيين فى صناعة الفوانيس بأشكالها
المتعددة وتزيينها وزخرفتها ، ولم يتشكل الفانوس فى صورته الحالية إلا فى
نهاية القرن التاسع عشر وأصبح يُستخدم – إلى جانب لعب الأطفال – فى تزيين
وإضاءة الشوارع ليلاً – كما كانت وظيفته الأصلية – خلال شهر رمضان رغم
وجود وسائل الإضاءة الحديثة .
وارتبطت صناعة الفانوس بأحياء الدرب الأحمر وبركة الفيل ، وشارع السد
بالسيدة زينب ويسمى الحرفى فى صناعة الفوانيس بـ"السمكرى البلدى" ، ويبدأ
الحرفيون فى العمل بعد انتهاء عيد الفطر مباشرة حيث يكون العمل تحضيرياً
فقط ويصل إلى ذروته قبل حلول شهر رمضان ببضعة اشهر
وتعد القاهرة من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها هذه الصناعة،
وهناك مناطق معينة مثل منطقة "تحت الربع" القريبة من حي الأزهر والغورية،
ومنطقة "بركة الفيل" بالسيدة زينب التي تخصصت في تصنيع فوانيس رمضان
وبيعها بالجملة
وتعد منطقة تحت الربع في باب الخلق أشهر ورش صناعة الفانوس المصري ،ويقول
أحد صناع الفوانيس هناك والذي يؤكد تراجع الفانوس الصيني أمام المصري
والذي أرجعه إلى افتقاد الأول إلى الروح الإسلامية في التصميم، سواء من
حيث الشكل أو الخامات التي يصنع منها، فبينما يقدم الصيني من خلال أشكال
حديثة مثل جهاز التليفزيون أو آلة الجيتار أو شخصيات مثل ميكي ماوس،
معظمها من خامة البلاستيك، يمتاز الفانوس المصري بأشكال وأنماط تراثية
متعددة لكل منها اسم معين، ويعد أشهرها الفانوس المربع الذي يوجد في
أركانه الأربعة فوانيس أخرى أصغر حجما، وأيضا الفانوس الذي على شكل نجمة،
والفانوس الكروي، وكل هذه الأشكال وغيرها تصنع من خامات محلية أهمها
الزجاج الملون، وتعبر عن الفن الإسلامي ذي القيم الجمالية الأصيلة والذي
يحمل رموز وإبداعات الشعب المصري عبر التاريخ.
وتعتبر الفوانيس هي بهجة الاطفال وفرحتهم في شهر رمضان فيرتبط شهر رمضان
لديهم بذكريات جميلة تذكرهم بالفرحة واللمة والتجمع في مجموعات بعد لإفطار
كل ليلة من ليالي رمضان المبارك ليغنوا وينشدوا أغاني رمضان .
شكل الفانوس
يصنع هيكل الفانوس من الصفيح لسهولة قصه وخفته
ويزين بنقوش دقيقة عند قاعدته وقمته ، ويعلوه (علاقة) مستديرة لحمله ،
يليها (القبة) وتتكون عادة من شرائح رقيقة عديدة قصت لتصطف إلى جوار بعضها
بدقة وإتقان ، وقد يتدلى من حواف هذه القبة كحلية عدة شرائط مستطيلة تسمى
(دلايات) . وقد يكون للفانوس باب يفتح ويقفل لوضع الشمع فى (الشماعة)
بداخله ، وقد يكون دون باب ويحل محله ما يسمى (عرق) وهى قاعدة يسهل فصلها
عن الفانوس تسمى (كعب) يعلوها الشماعة ثم ترشق فى الفانوس عقب وضع الشمع
مرة أخرى .
ويبدأ زجاج الفانوس من مقرنص – شقة البطيخة (مربع أو مدور) – شمسية –
بدلاية . ومن الفوانيس مايصنع أعلى بشرائح مثلثة تسمى (مشطوبة) ، يليها
زجاج واجهاته وهو إما عدل أو محرود أو بيضى الشكل ويسمي لوح
أشكال الفوانيس ومسمياتها
تفنن الصانع الشعبى فى إعداد الفانوس فى أشكال شتى
وأنماط متعددة لكل منها اسم معين ، وفى الفوانيس كبيرة الحجم كان الحرفى
يحرص على تسجيل اسمه عليها ، فمنها ما هو مكتوب عليه (كمال أو طه) . ومن
هذه الأشكال ما اختفى واندثر كفانوس (طار العائلة ويسمى أيضاً أبو نجمة –
والشيخ على – وعبد العزيز).
وأصغر فوانيس رمضان حجماً يسمى (فانوس عادى أو بز) وهو
فانوس رباعى الشكل وقد يكون له باب – ذو مفصلة واحدة – يُفتح ويًغلق لوضع
الشمعة بداخله ، أو يكون ذو كعب ولا يتعدى طوله العشرة سنتيمترات ، أما
أكبرها فيسمى (كبير بأولاد) وهو مربع عدل وفى أركانه الأربعة فوانيس أخرى
أصغر حجماً ، و (مقرنس أو مبزبز كبير) وهو بشكل نجمة كبيرة متشعبة ذات
إثنى عشر ذراعاً .
ومن الفوانيس ما هو (عدل) ويتساوى اتساع قمته مع قاعدته ، ومنها ما هو (محرود) وتنسحب قمته بضيق نحو قاعدته.
ومع
تعاقب الزمن ومرور الأيام تظهر ، أشياء وتختفي لتحل محلها أخري ومهما دار
الزمن وتعاقبت الأيام يبقي " فانوس رمضان " حاملاً للنفس أجمل ذكريات
الطفولة وصفو الأيام وضحكاتها ، ودليل بداية شهر الخير