قيام الليل مطردة للداء عن الجسد
قال بن الحجاج: وفي قيام الليل من الفوائد أنه يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق الجاف من الشجرة، وينور القبور ويحسن الوجه، ويذهب الكسل وينشط البدن، وترى الملائكة موضعه في السماء كما يتراءى الكوكب الدري لنا من السماء.(فيض القدير للمناوي) (4/351)
إن معظم النوم هو من النوع غير الحالم والنوم الطبيعي يكون أكثر عمقاً في الثلث الأول وأقل عمقاً في الثلث الأخير. ومعظم النوم الحالم يأتي في الثلث الأخير من النوم ليلاً ويتميز وكأنه إنسان ذو مخ نشط جداً بجسم مشلول(2).
هناك ثمة علاقة بين التوتر والشد النفسي وبين دورات النوم. فالتوتر والشد النفسي (Stressand Anxiety) يؤديان إلى عدم انتظام دورات النوم، بل أحياناً إلى الحرمان من النوم بالكلية. وذلك لأن التوتر يزيد من نسبة (الكورتيزول) الذي يؤدي إلى انحطاط مستوى الليكوترينز (Leukotriens) الذي يؤدي إلى الأرق(2).
قيام الليل وتقوية جهاز المناعة
للصلاة دور أساسي في تقوية جهاز المناعة لدى المصلى, وقيام الليل صلاة وعبادة خفية في جوف الليل تؤدي إلى سمو الروح وجلب الهدوء والسكينة والطمأنينة للقلوب فمما لا شك فيه أن يكون لهذه العبادة الخفية دور أكبر في تقوية جهاز المناعة. فالتوتر يثير غدة تحت المهاد (Hypothalamus) ومن ثم يثير الجهاز العصبي السمبثاوى,الذي يغذى وسط الغدة فوق الكلوية التي تفرز الأدرينالين وتفرز غدة تحت المهاد هرمونات عصبية تتجه إلى الغدة النخامية لتنتج هرمون (A.C.T.H) ليصل عبر الدم إلى قشرة الغدة فوق الكلوية, لتفرز كميات كبيرة من هرمون الكورتيزون في الدم أضعاف ما يُنتج نتيجة أورام الغدة فوق الكلوية أو عند الإفراط في أخذ دواء الكورتيزون(3).
تأثير الكورتيزون على جهاز المناعة
1. يؤدي إلى انخفاض الالتهاب الذي يحدثه دخول الجراثيم في الجسم مما يساعد على نمو وتكاثر هذه الجراثيم دون مقاومة. وذلك بمنع هجرة الخلايا البيضاء (Leucocytes) نحو مكان الالتهاب الجرثومي، كما يقلل من خروج الماء عبر الأوعية الدموية باتجاه الأنسجة الملتهبة، ويمنع تحرير المواد القاتلة للجراثيم (الليزوزيم Lysozyme) الموجودة فى خلايا الدماغ، كما يسبب أيضا عرقلة خلايا البلعم الكبير الملتهم للجراثيم (Macrophage).
2. تؤدي الكميات الكبيرة من الكورتيزون إلى انخفاض تكون الأجسام المضادة المنتجة من الخلايا الليمفاوية البائية(ب) كما تتراجع الأنسجة اللمفاوية والخلايا التائية)(ت)(4).
وبهذا يتضح أن الكورتيزون مثبط لجهاز المناعة؛ فالتوتر الشديد المتواصل يؤدى إلى تثبيط وسائل المناعة في الجسم مما يسهل ظهور الأمراض الجرثومية الخطيرة مثل الدرن ومرض السرطان وغيرها من أمراض المناعة مثل الصدفية والربو والذئبة الحمراء ومرض الروماتويد
النوم الحالم وأثره على صحة الإنسان
يمكن تقسيم فترة النوم أثناء الليل إلى مرحلتين:
مرحلة النوم غير الحالم:
ويأتي في ثلث الليل الأول، ويتمتع فيه الإنسان بقدر كافٍ من الراحة ويكون النوم فيه عميقا وخاليا من الأحلام، ويكون أقل عمقاً في الثلث الأخير.
مرحلة النوم الحالم (R E M):
ويأتي في الثلث الأخير من الليل ويحدث فيه كثير من الأحلام كما تحدث فيه عدة تغيرات فسيولوجية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
اولاً: تغيرات على القلب والجهاز الدورى
(Heart & C.V.S) يزداد الضغط، وينعدم انتظام ضربات القلب في مرحلة النوم الحالم (R E M)(5).
وبالتالي إذا قام المسلم للتهجد فإن الله يحميه من ارتفاع ضغط الدم والجلطات القلبية والموت المفاجئ.
وإذا كان المريض يعانى من ضغط الدم أو نقص تروية القلب فإنه إذا نام ثم استيقظ للتهجد فإنه يقل لديه فرصة التعرض لمضاعفات زيادة الضغط ونقص تروية القلب والسكتة القلبية.. أي إن قيام الليل وقاية وشفاء لأمراض القلب والضغط ومضاعفاته.
ثانياً: تغيرات بالجهاز التنفسى
يزداد في مرحلة النوم الحالم في الثلث الأخير من الليل عدد مرات التنفس، وينعدم انتظام التنفس.
وتقل حركة الأهداب التي تتحرك لإنقاذ الإنسان من دخول الميكروبات والفيروسات والغبار(6).
كما يحدث زيادة في إفرازات الرئة، وضيق في الشعب الهوائية (Bronchiospasm) نظراً لسيطرة الجهاز غير الودي، وبالتالي فإن مريض الربو في هذه المرحلة من النوم يكون أكثر عرضة لأزمة الربو المفاجئة. فإذا استيقظ المسلم للصلاة فإنه يبدأ بالطهارة والسواك والوضوء واستنشاق الماء والمبالغة فيه، كما أوصي بذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتي تفيد في إزالة الجراثيم والإفرازات والأتربة التي تسبب التهابات الجيوب الأنفية، وأمراض الحساسية والصدر(6).
فإذا استيقظ المسلم في الثلث الأخير من الليل فإنه يكون أقل عرضة لأمراض الجهاز التنفسي لأنه يحمى الجهاز التنفسي من أمراض الحساسية والتهابات الجيوب الأنفية, كما أن الصلاة وكثرة السجود تحفظ الرئة من الأمراض حيث إن في حالة السجود يزداد تدفق الدم إلى المنطقة الأولي الجدبة من الرئة وبالتالي تحصل على أوكسجين أعلى في هذا الوقت وبالتالي تكون أقل عرضة للدرن الرئوي ومرض السرطان.
الحماية من متلازمة انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم أثناء النوم ترتخى جميع عضلات التنفس الأساسية وفى هؤلاء المرضي تكون عضلات الحلق مرنة أكثر مما يجب مما يؤدى إلى سد المجرى الهوائي وحدوث الشخير وانقطاع التنفس (اضطرابات النوم ــ د/ سراج ولي ص 58 ــ 66 بتصرف, فلو استيقظ المريض خاصة في الثلث الأخير من الليل لكان بعيداً عن المسببات والمضاعفات الكثيرة والتي منها، تضخم الجهة اليمني من القلب وفشل القلب وارتفاع ضغط الدم واضطرابات القلب وفشل التنفس والسكتة الدماغية والذبحة الصدرية والموت المفاجئ فضلاً عن الحرمان من النوم والصداع المستمر وسرعة الغضب وتقلب المزاج.كذلك مرض انقطاع التنفس المركزي أثناء النوم (CSA) الذي يحدث أثناء النوم الحالم (REM) وما به من مضاعفات بسبب زيادة الكاتيكولامين التي تزيد من مضاعفات مريض القلب(7).
ثالثاً: تغيرات بالجهاز الهضمي
يزداد أثناء النوم ليلاً إفراز الحمض المعدي (HCL) والجاسترين ويبلغ أقصي ذروة لإفراز الحمض المعوي في مرحلة النوم الحالم وبالتالي إذا استيقظ المسلم لقيام الليل فإنه يكون بعيداً عن تأثير إفراز الحمض المعدي (HCL) الذي يسبب تآكل جدار المعدة (التهاب معدي أو قرحة المعدة) والتهاب وقرحة الإثناعشر، أو ارتجاع لهذا الحمض إلي المريء مسبباً التهاب جدار المريء.
رابعاً: تغيرات مرتبطة بالنوم تحدث عدة أمراض
الكوابيس الليلية: والتي يري فيها النائم أحلام مخيفة وتؤدي إلي زيادة ضربات القلب وسرعة التنفس.
الاضطرابات السلوكية للنوم الحالم وما يصحبها من أذي للنائم حين يمثل ما يحلم به.
الصداع النصفي الذي له علاقة بمرحلة النوم الحالم(8) فإذا استيقظ المسلم لقيام الليل أصبح بعيداً عن هذه الاضطرابات